علاقة فرنسا بإفريقيا
هي علاقة معقّدة تمتد لقرون عديدة من التاريخ المشترك والتأثير الثقافي والاقتصادي. و تعود جذور هذه العلاقة إلى فترة الاستعمار الفرنسي في القارة الإفريقية، حيث استولت فرنسا على نسبة كبيرة من أراضي القارة وسادتها بفعل السّلطة الاستعمارية. بعد استقلال الدول الإفريقية عن فرنسا ونهاية العهد الاستعماري، استمرت فرنسا في الحفاظ على تأثيرها في المنطقة من خلال عدة وسائل، بما في ذلك العلاقات الاقتصادية والعسكرية والثقافية. تمثل واحدة من هذه الوسائل
ظهور لاعبين جدد في إفريقيا
ومع ظهور تحديات جديدة في العقد الأخير، مثل التنافس الدّولي من قبل دول مثل الصين والهند وتركيا، وزيادة المطالبات بالتحرّر من النّفوذ الفرنسي وإنهاء الاعتماد على الفرنك الأفريقي، أصبحت فرنسا تواجه تحديات كبيرة. يأتي ذلك مع انتشار الصّراعات والإرهاب في منطقة السّاحل الإفريقي، ممّا دفع فرنسا إلى الاحتفاظ بتواجدها العسكري في هذه المنطقة.
تحديث علاقاتها بمستعمراتها السّابقة
تواجه فرنسا انتقادات واحتجاجات من بعض الشّعوب والحكومات الإفريقية، حيث يتّهمونها بالتّدخل في شؤونهم الداخلية والحفاظ على نظام استغلال واستعمار جديد. تجاوبًا مع هذه الضّغوط، حاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحديث العلاقة بين فرنسا وإفريقيا، من خلال زيادة المساعدات والتعاون والحوار مع الشّباب والمجتمع المدني في تلك الدّول. وقام بالاعتذار علانية عن دور فرنسا في إبادة رواندا عام 1994.
في أكتوبر 2021، نُظِّم مؤتمر إفريقيا وفرنسا للحوار مع الشّباب والمجتمع المدني الإفريقي. إلا أن هذه الجهود لم تكف لتغيير صورة فرنسا أو تخفيف المطالبات بإنهاء نفوذها. فكان على فرنسا أن تتعامل بكلّ حذر وسط هذه الأوضاع المتأجّجة والتفاعل مع تطورات العلاقة بناءً على احترام سيادة الشعوب الإفريقية و اعتبار مصالحها.
و على الرّغم من محاولات الرّئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتحديث العلاقة بين فرنسا وإفريقيا، فإن هذه العلاقة مازالت تواجه تحديات كبيرة. يظل السؤال حول ما إذا كانت فرنسا ستتخلى عن سياستها التقليدية المعروفة باسم "أفريقيا الفرنسية" أم ستتبنى نهجًا جديدًا ومتجددًا مفتوحًا. من المهمّ أن نلاحظ أن هذه العلاقة لا تعتمد فقط على إرادة فرنسا وتحركاتها، بل تتأثر أيضًا بالتطورات الإقليمية والدولية والديناميات السياسية والاقتصادية في إفريقيا نفسها.
بالإضافة إلى ذلك، تلعب الضغوط الداخلية وتحولات الرأي العام في فرنسا دورًا في توجيه سياساتها نحو إفريقيا. تمثّل إفريقيا أحد أكبر التحديات الدولية والإقليمية. تأثير فرنسا على القارة الإفريقية يتراوح من الأمور السياسيّة والاقتصادية إلى الشؤون الأمنية والثقافية، ولذلك فإن مستقبل هذه العلاقة سيكون له تأثير كبير على مستقبل إفريقيا والعلاقات الدولية بشكل عام.
قد تحمل الأيّام القادمة تحديات جديدة وفرصًا لتشكيل هذه العلاقة بشكل مختلف وأكثر توازنًا. هناك بعض السيناريوهات الممكنة لمستقبل هذه العلاق مثل التحوّل نحو شراكة متكافئة قد يتّجه الجانبان نحو تشكيل شراكة أكثر تكافؤًا تستند إلى المصالح المشتركة واحترام سيادة الدول الإفريقية.
قد تشمل هذه العلاقة التعاون في مجالات مثل التجارة والاستثمار والتنمية المستدامة. كذلك إعادة تقييم النفوذ الفرنسي قد يشهد المستقبل تقليلًا في النفوذ الفرنسي في إفريقيا نتيجة للمطالب المتزايدة بالاستقلالية والتحرّر من التدخل الخارجي. فرنسا قد تكون مضطرّة لتقليل وجودها العسكري والسياسي في بعض الدول.
قد يتعزّز التعاون الإقليمي بين بعض الدّول في إفريقيا مثل النّيجر و بوركينا فاسو والغابون و التّ لترسيخ استقلاليتها وقدرتها على تحقيق التّنمية. يمكن أن يساهم هذا في تقليل اعتماد هذه الدول على الدعم الفرنسي وبذلك يكون مفتاح مستقبل علاقة فرنسا وإفريقيا في يقوم على الحوار والتفاهم بين الجانبين و تتكثّف المبادرات مثل مؤتمر إفريقيا وفرنسا وتعزيز التفاعل الثقافي والتعاون الاقتصادي الصين والهند وتركيا، وزيادة المطالبات بالتحرّر من النّفوذ الفرنسي وإنهاء الاعتماد على الفرنك الأفريقي، أصبحت فرنسا تواجه تحديات كبيرة. يأتي ذلك مع انتشار الصّراعات والإرهاب في منطقة السّاحل الإفريقي، ممّا دفع فرنسا إلى الاحتفاظ بتواجدها العسكري في هذه المنطقة.
علاقة الولايات المتحدة بفرنسا وإفريقيا
هي علاقة متعددة الأبعاد ومتغيرة، تأثر بالمصالح والتحديات والفرص في كل منطقة. فالولايات المتحدة وفرنسا هما حليفان تاريخيان، شاركا في الثورات والحروب والمبادرات الدولية، لكنهما اختلفا أيضا في بعض القضايا السياسية والأمنية. والولايات المتحدة وأفريقيا هما شريكان استراتيجيان، يتعاونان في مجالات التنمية والتجارة ومكافحة الإرهاب، لكنّهما يواجهان تنافسا من قوى أخرى مثل الصين وروسيا.
ي الآونة الأخيرة، شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وفرنسا أزمة دبلوماسية حادة، بسبب اتفاقية أوكوس التي تضم أستراليا وبريطانيا، والتي تهدف إلى تزويد أستراليا بغواصات نووية من الولايات المتحدة بدلا من فرنسا. اعتبرت فرنسا هذه الخطوة خيانة وإهانة لشراكتها مع الولايات المتحدة، واستدعت سفيرها من كل من واشنطن وكانبيرا. حاولت الولايات المتحدة تهدئة الأزمة، وأعلن الرئيس جو بايدن عن إجراء محادثات مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون لإصلاح العلاقات.
موقف الولايات المتحدة ممّا يحدث بين فرنسا ومستعمراتها في أفريقيا متوازن ومرن، يحاول الحفاظ على علاقات جيدة مع كلا الطرفين، والتعامل مع كل قضية على حدة، وفق مصالحها الوطنية والإقليمية.
لكن هذا الموقف قد يتغيّر في ضوء التطوّرات المستقبليّة، والتحدّيات التي تواجهها الولايات المتحدة في المنطقة. لذلك، نرى أنّ الولايات المتحدة ستبقى حذرة ومستعدة للتكيّف مع الظروف المتغيّرة، و لا ننسى أن نترك هامشا للجهود الدّولية المستمرّة للحفاظ على السّلم والأمن العالمي، وأن الدبلوماسية والحوار تبقى وسائل مهمة لحل النزاعات الدولية وتجنب التصاعد العسكري. يمكن أن تلعب المؤسّسات الدوليّة مثل الأمم المتحدة دورًا هامًا في تسوية النزاعات وتعزيز التفاهم الدول.
فرنسا تحتاج إلى التكيّف مع الواقع الجديد
وقراءة ألف حساب لروسيا ومن معها و الإدراك بتغيّر الحركيّة الدّولية اقتصاديّا و سياسيّا، يصبح تعديل السياسات والعلاقات الفرنسية مع إفريقيا بطريقة تستجيب لاحتياجات وطموحات الدول الإفريقيّة أمرا حتميّا.