قرار تقسيم فلسطينفي عام 1948 وعلى أرض فلسطين، اندلعت حرب بين اليهود والعرب، وبعد قرار تقسيم فلسطين الذي اتخذته الأمم المتحدة في عام 1947. ومنذ ذلك الحين، تواصلت الحروب والنزاعات بين كيان جديد سمّي " إسرائيل " و الدّول العربية والفلسطينيين، ولأنّ احتلال هذه الأراضي الفلسطينيّة توسّع على مرّ السّنين، فإنّ كلّ شيء يلوح بمنتهى الوضوح.
و عندما نتأمّل خرائط اسرائيل في فترات مختلفة و متعاقبة من حيث الزّمن ، سنرى أنّنا نقوم بتبسيط قصّة طويلة ومعقّدة. فحدود إسرائيل تغيّرت عدّة مرات، بحسب ما تقرّر في اتفاقيات السّلام أو بفعل ما فرضته القوّة العسكرية وآلياتها.
حدود المرحلة الأولى لإسرائيل
في عام 1949، أنهت إسرائيل حربها مع الدّول العربية المجاورة، ووقّعت اتفاقيات هدنة مع مصر ولبنان والأردن وسوريا. وبموجب هذه الاتفاقيات، حدّدت حدود إسرائيل على خريطة الشرق الأوسط، واعترفت بها الأمم المتحدة. وكانت هذه الحدود تشمل ما يسمى بالأراضي الإسرائيلية المحتلة في عام 1948، وهي أكبر من الأراضي التي خصصتها الأمم المتحدة للدولة اليهودية في خطة التقسيم. وكانت هذه الأراضي تشمل معظم السّاحل الغربي لفلسطين، والجليل، والنقب، والجزء الغربي من القدس.
وبقيت الأراضي الفلسطينية المتبقية تحت سيطرة الدول العربية، وهي قطاع غزّة تحت سيطرة مصر، والضّفة الغربية والجزء الشرقي من القدس تحت سيطرة الأردن. وبذلك، تم تقسيم فلسطين إلى ثلاثة أجزاء، وتشريد مئات الآلاف من الفلسطينيين من ديارهم وأراضيهم.
حدود المرحلة الثّانية
في عام 1967، شنت إسرائيل حرباً على الدول العربية المجاورة، واستولت على الأراضي الفلسطينية التي كانت تحت سيطرتها، بالإضافة إلى شبه جزيرة سيناء من مصر، وهضبة الجولان من سوريا. وبذلك، تضاعفت مساحة إسرائيل، وتحوّلت إلى قوّة عسكريّة وسياسيّة في المنطقة. واعترفت الأمم المتحدة بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ولكنّها طالبتها بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967، وبالسماح بتقرير مصير الشعب الفلسطيني.
وفي عام 1979، وقعت إسرائيل اتفاقيّة سلام مع مصر، وأعادت لها شبه جزيرة سيناء، ولكنّها استمرّت في احتلال باقي الأراضي، وبدأت في بناء المستوطنات اليهوديّة فيها، مما أثار غضب ومقاومة الفلسطينيين والدّول العربيّة.
الحدود الحالية لإسرائيل
في عام 1993، وقّعت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية اتفاقية أوسلو، والتي تضمّنت الاعتراف المتبادل بين الطّرفين، وبدء مفاوضات لإنهاء الصّراع وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ومتعايشة مع إسرائيل.
وفي عام 1994، وقّعت إسرائيل اتفاقيّة سلام مع الأردن، وأنهت حالة الحرب بينهما. وفي عام 2000، انسحبت إسرائيل من جنوب لبنان، بعد سنوات من الاشتباكات مع حزب الله. وفي عام 2005، انسحبت إسرائيل من قطاع غزّة، وأزالت المستوطنات اليهوديّة منه، ولكنّها استمرّت في فرض حصار عسكريّ واقتصاديّ عليه.
وفي عام 2020، وقّعت إسرائيل اتفاقيات تطبيع مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، والتي تضمّنت الاعتراف المتبادل والتعاون في مجالات مختلفة. وبذلك، تحسّنت علاقات إسرائيل مع بعض الدّول العربيّة، ولكنّها لم تحلّ مشكلة الصّراع مع الفلسطينيين، ولم تحدّد حدودها النهائية معهم.
الآثار والتحدّيات
تغيّر حدود إسرائيل منذ عام 1949 له آثار سلبية على الشعب الفلسطيني وحقوقه ومستقبله، ويواجه تحديات كبيرة في مواجهة هذا التغيّر، و من بينها:
- الاحتلال والاستيطان
- العنف والمقاومة
- الحالة السياسية والاقتصادية
مآلات هذا الصّراع
لا أمل لإنهاء الصّراع بين إسرائيل والفلسطينيين، و لا رجاء من تحقيق العدالة والسّلام، فهل اسرائيل قادرة على اعتماد مقاربات متنوّعة و منها:
1. المقاربة السياسيّة
هنا يجب أن يتمّ التوصّل إلى حلّ سياسيّ عادل وشامل ودائم، يقوم على مبادئ القانون الدّولي والشرعيّة الدولية، ويضمن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة والسيادة على حدود عام 1967، مع القدس الشرقية عاصمة لها، وحلّ مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفقاً للقرار 194، وإنهاء الاحتلال والاستيطان والتهويد والتمييز والعنف. ويجب أن يتمّ هذا الحلّ بوساطة دولية نزيهة وفاعلة، وبمشاركة كافّة الأطراف المعنية، وبمراقبة وضمان دوليّ لتنفيذه. وهذا لن يقع وبسبب اعتماد اسرائيل الإفراط في القوّة بحكم اختلال موازين القوى.
2. المقاربة الشّعبيّة
يجب تعزيز الحلّ الشّعبيّ، الذي يقوم على تفعيل دور المجتمع المدني والحركات الشّعبية والمبادرات السّلمية، في نشر ثقافة السّلام والتّضامن والتعايش بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، وفي مواجهة السّياسات والممارسات التي تعرقل الحلّ السياسيّ، وفي تحقيق المصالحة والتّنمية والحقوق الإنسانية. ويجب أن يتمّ هذا الحلّ بدعم وتعاون من المنظمات والمؤسسات والشّخصيات الدولية والإقليمية والمحليّة، وهذا لا يمكن له أن يقع بسبب تطرّف بعض كيانات المجتمع اليهوديّ وميلهم إلى التّمييز العنصريّ، نرى أنّ معظم الأسرائيليين هم مستوطنون من المزارعين والمربّين الذين يبنون قاعدة ثم ينظّمون أنفسهم حول قطع الأراضي المستولى عليها فيكوّنون مجتمعاتهم. بعضها موجود لأهداف اقتصادية، ولكنّ الكثير منها موجود لهدف سياسيّ، وهو بناء إسرائيل الكبرى للشّعب اليهودي. وهم يطالبون بدعم الجيش لحمايتهم، وغالباً ما يحصلون على مبتغاهم من الدّعم اللّامشروط، ومن ثمّ بناء الطّرق التي تربط المنطقة تدريجياً.
3. المقاربة الإنسانيّة
يجب أن يراعى في هذا الصّراع الجانب الإنسانيّ، الذي يقوم على تحسين الأوضاع المعيشيّة والصحيّة والتعليميّة والاجتماعيّة والبيئيّة للفلسطينيين، وتخفيف معاناتهم وحاجاتهم ومخاطرهم، وتمكينهم من الاستفادة من الفرص والحقوق والحريات، وتعزيز قدراتهم ومواردهم وإبداعهم. ويجب أن يتمّ هذا الحلّ بمساهمة ومسؤولية من الحكومات والمنظمات والمجتمعات والأفراد، وبمبدإ المساواة والاحترام المتبادل وهذا أمر مستحيل حيث أنّ إسرائيل تعتمد سياسة التّطهير العرقيّ من خلال قتل الأطفال و النّساء، وتفجير المرافق الأساسيّة سعيا منها إلى تهجير من بقي منهم على قيد الحياة.
اسرائيل لا تريد السّلام
إسرائيل:
- ليست الطّرف الوحيد الذي لا يريد حلولاً للصّراع مع الفلسطينيين. و للأسف هناك أيضاً بعض الدّول العربية والإسلاميّة تساهم في تأجيج نيران هذا الصّراع بهرولتها اللّافتة إلى التّطبيع والتّعاون مع إسرائيل من موقف الضّعف أي أنّها تطبّع مع اسرائيل دون تحقيق مكاسب ( في حجم خطواتها التّطبيعيّة ) يستفيد منها الشّعب الفلسطينيّ. وهذا يضرّ بمصالح ليس فلسطين فحسب بل كلّ العرب.
- ليست دولة موحّدة ومتجانسة في رأيها وموقفها من الصّراع مع الفلسطينيين. هناك تنوّع وتعدّد وتباين في الآراء والمواقف بين الأحزاب والحركات و مكوّنات المجتمع الإسرائيليّ، فهناك تغيّر وتطوّر في السّياسة وفي بِنية المجتمع الإسرائيليّ وهذا لا تخدم القضيّة الفلسطينيّة، إلى جانب تأثيرات الواقع الرّاهن وتفاعل الظّروف الدّولية والإقليميّة والمحليّة. وهذا يغلق المجال للحوار والتّفاوض ويقلّل من فرص السّلام.
- ليست دولة معزولة و لا تواجه مقاومة ولا ضغطا من جيرانها المؤثّرين. ولا أحد قادر على دفعها إلى التّغيير والتّنازل والتّسوية، برغم حراك المقاومة الممثّلة في الفصائل الفلسطينيّة و حزب الله اللّبنانيّ.
- تتعامل في صراعها مع الفلسطينيّ على أساس أنّه صراع وجوديّ، تاريخيّ، قوميّ و دينيّ هو صراع بين شعبين يتنازعان على نفس الأرض والمقدّسات. يغذّي هذا الصّراع انقسام عربيّ مخزٍ أعطى لإسرائيل القوّة لتخرق الاتّفاقيّات وتتجاوز القرارات الصّادرة عن الهيئات الأمميّة فأصبحت الضّفة الغربية مجزأة بالكامل. كجلد النّمر كما يسمّونها، فأصبحت للأسف مجرّد ذكرى. ويوجد اليوم 465 مستوطناً إسرائيلياً في الضفة الغربية، مقسّمين إلى 138 مستوطنة تعترف بها الحكومة الإسرائيلية.
وقد تواصلت المطالبة بهذه السّياسة والقبول بها منذ عدّة سنوات. ويظهر ذلك في خطاب " بنيامين نتنياهو " قبل بضعة أشهر، في الوقت الّذي أعيد فيه انتخابه. و تتكوّن حكومته اليوم من أولئك الذين يطلق عليهم " التفوّق اليهوديّ "، وهم من القوميين المتطرّفين المتديّنين، الذين وضعوا هذه السّياسة في قلب مشروعهم، ولا سيّما " هيتامار بنوير ". وهو وزير الأمن العام. علماً أن هذه السّياسة تمّت إدانتها مرّات عديدة، ولكن تمّ تجاهل القرارات الخمسين الصادرة عن مجلس الأمن الدّوليّ. فيد اسرائيل طائلة و سندها هو الأقوى. و من يملك المدافع يملك القوّة لأنّ القوّة في أفواه المدافع ... فهل تقدر المقاومة على مدافع إسرائيل ذراع أمريكا وتوابعها في المنطقة ...؟